ذكرى تأبين المغفور له جلالة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه و أكرم مثواه من إنجاز و إلقاء الأستاذ معاذ الصمدي خطيب مسجد باب الريان

ذكرى تأبين المغفور له جلالة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه و أكرم مثواه
من إنجاز و إلقاء الأستاذ معاذ الصمدي
خطيب مسجد باب الريان

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة و السلام الأتمان الأكملان على إمام الأنبياء و المرسلين مولانا محمد و آله و صحبه أجمعين .
أما بعد ، معاشر المتتبعين . فيقول الحق سبحانه و تعالى في محكم كتابه " و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الانفس و الثمرات و بشر الصابرين " صدق الله العظيم .
أيها الإخوة الكرام ، و يأحباب سيدنا رسول الله ،
لقد باغتت المنية على حين غفلتها رجلا مصلحا، بطلا محررا عبقريا، كرس حياته لخدمة الوطن و أهله، فكان رحمه الله يقاسم شعبه همومه و آلامه وآماله . و لقد صعق المغاربة أجمعون بفقدانه و أصيبوا في أعماقهم . و صدق الله العظيم القائل " فأصابتكم مصيبة الموت " .لقد كانت مصيبة حقا ، و لا يزال ظله لم يبرح الأفئدة و العقول ، و نبرات صوته لا تزال تتردد على الآذان ، و روحه الطاهرة لا تزال حية ناعمة راضية مرضية إن على المستوى العالمي بالحكمة و الحنكة أو على المستوى العربي و الإسلامي بالتضامن و المساندة أو على المستوى الوطني بالقيادة و المنجزات .ولقد تمتع هذا الشعب من قائده الفذ بمعين لا ينضب‏،‏ تضلع من هذا المعين ، الكثير الكثير من الحكمة التي تعلمها‏،‏ تضلع من هذا المعين الكثير والكثير من الشموخ في السهر على الحقوق‏،‏ عرف وتعلم من هذا المعين الذي انتهله وتضلع منه كيف يجمع بين السلام الذي هو رسالتنا وبين الشموخ وعدم التنازل عن الحقوق الذي هو واجبنا‏.هذا المعين لم ينضب‏،‏ إنه مستمر....
معاشر المحبين في جناب الرسول الأمين و آل البيت الشرفاء الأطهار ، أذكِّر بشيء تعرفونه أكثر مما أعلم من أسرار قائدنا الراحل رحمه الله تعالى‏ , فلقد‏ كان بحق عبقرياً‏،‏ أجل‏، و‏ كان حاكماً فذاً في العالم‏، و من سر أسراره الباطنية أنه ‏كان يأخذ مدده وكان يأخذ شحونات توفيقه من الالتجاء إلى الله عز وجل‏،‏ كيف لا و قد تخرج من مدرسة مولانا محمد الخامس طيب الله تراه ، مدرسة المحبة و التضحية و التربية على المواطنة الصادقة.
فيا أيها الملك الراحل ، ها هم أبناؤك و شعبك يذكرونك بخير ، يذكرونك بدعوتك للجنوح إلى السلم التي استلهمتها من سيرة جدك المصطفى عليه السلام يوم دعوت الأمة بعبقريتك و قراراتك السديدة لمسيرة سلمية خضراء مظفرة دفاعا عن وحدة الوطن وذوذا عن حياض الأمة و رمز سيادتها ووفاءا و برورا بدعوة والدكم قدس الله روحه و الذي أوصاكم بعدم التساهل في قلامة ظفر من تربة هذا الوطن ..
ها هو التاريخ يذكرك بمداد الفخر و الاعتزاز بما قدمته للأجيال وقد قال مولانا رسول الله .ص. . يحشر قوم من أمتي على منابر من نور لا هم بالأنبياء و لا بالشهداء و لكنهم قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس " فاللهم إنا نشهد أنه كان كذلك كان في خدمة شعبه و في قضاء حوائجهم ، لم يتوان ولم يستكن. ظهر ذلك في خطبه في حركاته و سكناته و ظل كذلك إلى آخر فترة من حياته . و لكن عزاءنا فيكم خلفكم الملك الهمام مولانا محمد السادس الذي واصل المسير على نفس المسار فكان ثمرة يانعة و ظلالا وافرة لتلكم الشجرة المباركة التي غرسها والده المرحوم توتي أكلها كل حين بإذن ربها .
معاشر المستمعين، يقول سيدنا رسول الله .ص. إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلات صدقة جارية و علم ينتفع به و ولد صالح يدعو له .فلقد تركت بحق أيها الراحل جسدا لا روحا . تركت خليفة لك في رعاية شؤون الأمة ، يسترخص والله في سبيل مصلحتها شعبه كل غال و نفيس و يبذل من جهده ووقته ما يسخره للصالح العام ، هذا الشبل من ذاك الأسد. وهذا الغصن من تلك الشجرة --
فاللهم يا ربنا يا خالق العوالم يا رحمان الدنيا و الاخرة و رحيمهما ، نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات و النور أن تحفظ إمامنا و ولي أمرنا مولانا أمير المومنين سبط النبي الأمين و سليل الدوحة العلوية الشريفة جلالة الملك محمد السادس بما حفظت به الذكر الحكيم و أن تصونه بعينك التي لا تنام و برعايتك التي لا ترام و أن تديم نصره و تعلي شأنه و أن توفقه يا ربنا فيما يقوم به من مساعي نبيلة لخدمة البلاد و أن تجعله النبع الصافي الذي لا ينضب معينه. و المورد العذب الذي لا يتوقف إمداده و أن تشد أزره بسمو ولي عهده و موطن سره قنديل القصر الملكي العامر مولاي الحسن و أن تبارك في شقيقه الأرشد المولى الرشيد و في كافة أسرته العلوية المجيدة , واشمل يا ربنا برحمتك و عفوك و كرمك الملك الراحل مولانا محمد الخامس محرر البلاد و محقق الاستقلال.
و عن صاحب هذه الذكرى باني المغرب الحديث و مدعم أركانه و أسسه و محقق الوحدة المغربية جلالة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه ونور ضريحه و أسكنه فسيح جناته ماذا عساني أن أقول إلا ما قاله و ختم به رحمه الله درسه الحسني الأول الذي ألقاه عام 1966 الموافق 12 رمضان 1386 اللهم ارحم الملك الراحل ، اللهم إنه كان يخشاك فأعطه على قدر خشيته إياك ، اللهم إنه كان يحب نبيك و صفيك محمدا فأعطه على قدر محبته في صفيك و حبيبك ، اللهم إنه كان يتلو كتابك فأعطه على قدر تلاوته لكتابك ، اللهم إنه كان يأخذ بيد الضعيف في سبيلك فلا تجعله من المستضعفين يوم القيامة ، اللهم إنه بيض وجهنا بين الأمم فبيض يا رب وجهه يوم تسود الوجوه ، اللهم إنه أنار لنا الطريق فنور يا رب طريقه و نور ضريحه ، اللهم احفظ بلادنا و احفظ أمجادنا و اجعلنا يا ربنا في مقدمة الشعوب ، اللهم احفظ وطننا من الفتن ما ظهر منها و ما بطن اللهم أدم على بلدنا نعمة الأمن و الاستقرار و اجعله يا ربنا بلدا آمنا مطمئنا موحدا سخاءا رخاءا و سائر بلاد المسلمين . اللهم يا واسع الجود و العطاء اشمل كل من حضر معنا هذه المناسبة بعظيم عنايتك و اشملهم يا ربنا بجميل لطفك و رعايتك و أفض عليهم يا مولانا من واسع عطائك و أسبغ عليهم موفور فضلك و احفظهم يا مولانا في أبنائهم و أزواجهم و ذريا تهم بكريم جودك يا أكرم الأكرمين يا رب العالمين ". إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما اللهم صل على سيدنا محمد.......سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.....