أما بعد : " يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا" في هذه الأيام ودعنا إجازة صيفية ، واستعدت الأسر لاستقبال عام دراسي جديد، نسأل الله تعالى العون والسداد.أيها المسلمون، إنه ولابد وفي ختام هذه العطلة الصيفية التي قضيناها من وقفة محاسبة وتذكر، وما يتذكر إلا من ينيب، فمن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته، واشتدت عليه حسراته. لا بد من وقفةٍ صادقةٍ مع أنفسنا في محاسبةٍ جادةٍ، ومساءلةٍ دقيقةٍ، في مثل هذه اللحظات فوالله لتموتن كما تنامون، ولتبعثنَّ كما تستيقظون، ولتجزون بما كنتم تعملون.و كل نفس من أنفاس العمر معدود. وإضاعة هذا ليس بعده خسارة في الوجود. إن الدنيا تُبكي ضاحكاً، وتضحك باكياً. وتُخيف آمناً، وتؤمن خائفاً، وتفقر غنياً، وتغني فقيراً. تتقلب بأهلها، لا تُبقي أحداً على حال.السرور فيها لا يدوم.أيها المسلمون، إن الله عز وجل قدر لنا عدداً محدداً من الأنفاس فكلما تنفس العبد نفساً سجل عليه، حتى يصل العبد إلى آخر العدد المقدر له، عند ذلك يكون خروج النفس، وفراق الأهل، ودخول القبر، وينتقل العبد من دار العمل ولا حساب إلى دار الحساب ولا عمل، وإنما يدرك العبد أهمية محاسبة النفس وخطر الوقت والعمر إذا فقد هذه النعمة، فعند ذلك يتمنى أن يرجع إلى الدنيا لا من أجل أن يجمع حطامها وشهواتها، بل من أجل أن يجتهد في طاعة الله عز وجل، وتتجدد له هذه الأمنية وهذا الطلب كلما عاين أمراً من أمور الآخرة. قال تعالى: "حَتَّىٰ إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبّ ٱرْجِعُونِ لَعَلّى أَعْمَلُ صَـٰلِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ"فينبغي علينا أن نعرف خطر الوقت ،فأهل الآخرة لا يتحسرون على شيء، إلا على ساعة مرت عليهم لم يذكروا الله عز وجل فيها. هو محاسبة النفس هي أن ينظر كل واحد منا في أعماله وأحواله وأقواله فيما مر ، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. وهل تدرون لم نحاسب أنفسنا ؟...الأمر الأول: حتى يخفف عنا حساب الآخرة. يدني الله تعالى المؤمن يوم القيامة فيضع عليه كنفه ـ أي ستره عن أعين الخلق ـ فيقرره بذنوبه: أتعرف ذنب كذا في يوم كذا؟ فيقول: نعم، فيقول الله عز وجل: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك ، و نحاسب أنفسنا أيضاً لأن الشهود كثر، و شهود الآخرة ليسوا كشهود الدنيا "ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوٰهِهِمْ وَتُكَلّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ"فاللهم وفقنا لطاعتك و رضاك آمين و الحمد لله رب العالمين .....
و نحن نحاسب أنفسنا حري بنا أن نسأل عن دور الآباء والأولياء في هذه الآونة التي نسلم فيها الأبناء إلى المدارس ، فما دورك أيها الأب ؟ إن بعض الآباء يعتقد أن دوره لا يتعدّى شراءَ الكتب و الدفاتر والأقلام وتسجيل الأبناء، ويقول: أنا انتهى دوري عند هذا الحد، فأحسنُ اللباس ألبستُه، وأحسنُ المدارس أدخلتُه، و أظن أن دوري انتهى عند هذا الأمر، نقول: نعم بارك الله فيك، جميلٌ منك هذا، فهذا واجب النفقة، وقد أديته بكل اقتدار، وأنت مأجورٌ على ذلك إذا احتسبت ذلك عند الله، فالنبي.ص. يقول: ((أفضل دينار ينفقه الرجل دينارٌ ينفقه على عياله، ودينارٌ ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله)) رواه مسلم، لكنه من الخطأ أن يهتم بعض الآباء والأمهات بهذا الجانب جانب النفقة وتوفير الملبس والمأكل والمشرب دونما عناية بالجانب الأهم، وهو الاهتمام بالمَخْبَر لا المَظْهَر وخدمة القلب والروح.. أيها الآباء والأولياء، إن مهمة التربية والتعليم ليست مقتصرةً على المدرسة فحسب، بل لكم فيها النصيب الأكبر، الوالد هو المربي والمدرّس الأول،نعم إن المدرسة توجّه وتربّي، لكن الابن لا ينام فيها، ولا يجلس فيها غالب وقته، فالمعلم دوره تَوْعَوِي وتوجيهي، إن الأب مع المدرسة صِنْوَان وعمودان لخيمة نجاح الأبناء، لكنّ المدرسة تشتكي أبًا لا يزورها ولا يحضر مجالس الآباء،المدرسة تشتكي أبًا لا يطلع على التقارير الشهرية، ولا يتابع واجبات أولاده، ولا يساهم في تقويمهم وتسديدهم.فاللهم اهدنا و اهد بنا و اجعلنا سببا لمن اهتدى ..........
- المرفقات
- محاسبة النفس و مسؤولية الآباء و المدرسة.WMA
- لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
- (5.2 Mo) عدد مرات التنزيل 2