ومع الرِّضا بقدَر المولى سبحانه والتسليم لقضائه في فاجِعة السيول التي لوَّعت الوجدانَ ولم يُمحَ هديرُها من الآذان، نذكر بهدي الحبيب المصطفى و الرسول المجتبى سيدنا محمد .ص. وخوفِه من ربِّه مع أنَّ الله سبحانه وتعالى قد جعَله أمنةً لأصحابه"وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ"ومع هذا كان إذا هبَّت الريحُ الشديدةُ عُرفَ ذلك في وجهِه الشريف وحين ينعقد الغمامُ في السماء ويكون السّحاب ركامًا يُرى عليه الصلاة والسلام يقبِل ويُدبر ويدخل البيتَ ويخرج، فتقولُ له عائشةُ رضي الله عنها: ما بك يا رسول الله؟! فيقول: ((ما يؤمِّنني أن يكونَ عذابًا؟! إنَّ قومًا رأَوا ذلك فقالوا: هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا، فقال الله:" بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ"حتى إذا نزل المطرُ سُرِّي عنه عليه الصلاة والسلام.وكان .ص.إذا عصَفتِ الريح قال: ((اللهم إني أسألُك خيرَها وخيرَ ما فِيها وخيْرَ ما أُرْسِلَتْ به، وأعوذُ بك من شرِّها وشرِّ ما فِيها وشرِّ ما أُرسِلَتْ به))، نعم حفِظكم الله ورَعاكم، ليس الخوفُ والحذُر قاصرًا على أهل الموبقات والمجاهرين وأهل الكبائر. لقد كان مجتمع سيدنا محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وصحبِه رضي الله عنهم خيرَ المجتمعات وأصلحها، وهل كان الحبيب .ص. وهو يتخوَّف هذا التخوُّف من الكسوف والخسوف ومن الرّياح و الأمطار ومتغيِّرات الكون، هل كان متَّهِمًا لأصحابه بالسوء أو حاكمًا عليهِم بالفساد؟! فحينما تحُلّ الابتلاءاتُ بأهل الإسلام وديارهم فمع ما ينبغي من الحذَر والخوفِ والوجَل والمسارعة إلى التوبة، و هو لا يعني بأنّ كلَّ البلايا عقوباتٌ وجميع النوازل مثُلات، بل منها ما هو ابتلاءٌ وتمحيص، ومنها ما هو رَفعٌ للدرجات وتكفيرٌ للسيّئات، ومنها ما هو امتحانٌ للرّضا والتّسليم وتحقيق الإيمان بأقدار الله المؤلمة.أسأل الله تبارك و تعالى أن يحفظنا من كل شر و بلاء و أن ييسر لنا اليسرى و يجنبنا العسرى إنه نعم المولى و نعم النصير [justify]