الذبيح
قصّة سيدنا اسماعيل عليه السلام
هاجَر سيدنا ابراهيم من أرض النهرين[1] ، أخذ معه زوجته سارة و ابن خالته سيدنا لوط ( عليه السلام )، ذهبوا إلى مملكة الاقباط ، و هناك أهدى الملك فتاةً اسمها هاجر إلى سارة إكراماً لزوجة خليل الرحمن .
مضى سيدنا إبراهيم إلى فلسطين ، في الطريق و عندما وصلوا إلىقرية " سدوم " على سواحل البحر الميّت أمر سيدنا إبراهيم لوطاً أن يسكن في تلك القرية و يدعو أهلها إلى عبادة الله سبحانه .
أما سيدنا إبراهيم فقد واصل طريقه مع زوجته سارة و الفتاة هاجر إلى أرض فلسطين .
رأى سيدنا إبراهيم وادياً جميلاً تحيطه الراوبي و التلال فالقى رحله هناك .
و منذ ذلك التاريخ و قبل آلاف السنين سكن سيدنا إبراهيم الأرض التي تدعى اليوم بمدينة الخليل .
ضرب سيدنا إبراهيم خيامه في ذلك الوادي الفسيح و ترك ماشيته ترعى بسلام .
كان ذلك الوادي في طريق القوافل المسافرة ، لهذا كان يقصده الكثير من المسافرين فيجدون عنده الماء العذب ، و الطعام الطيب و الكرم و الاستقبال الحسن ، و يجدون عنده الكلمات الطيبة . .
كان سيدنا إبراهيم يتحدث مع ضيوفه ، و كان همّه أن يعبد الناس الله الواحد الأحد لا شريك له و لا معبود سواه .
و تمرّ الايام و الأعوام و عرف الناس إبراهيم الرجل الصالح الكريم . . عرفوا أخلاقه و كرمه و حبّه للضيوف ، عرفوا صلاحه و عبادته و تقواه . و عرفوا حبّه للخير و الناس .
البشرى :
و لكن من يدقق النظر في وجه سيدنا إبراهيم ( عليه السلام )يرى حزناً في عينيه . . لماذا ؟ لان سيدنا إبراهيم يحبّ الاطفال .
كان يتمنّى ان يكون له طفل . .
و ها هو الآن قد أصبح شيخاً كبيراً و أصبحت زوجته عجوزاً و لم يرزقا طفلاً يأنسا به و يملأ بفرحته خيمتهما ، أو يلعب مع الحملان و الخراف .
سارة زوجة سيدنا إبراهيم كانت تحبّ زوجها و لا تريد له أن يحزن ، لهذا قالت له ذات مساء .
ـ أنت تحبّ أن يكون لك أطفال و ذريّة .
قال سيدنا إبراهيم :
ـ انها مشيئة الله و إرادته و أنا راض بذلك .
قالت سارة المرأة الصالحة :
ـ أنا أحب أن يكون لنا طفل نرعاه و . . نحبّه و يحبّنا . .
ـ و لكن !!
ـ يا خليل الرحمن أعرف أنني قد أصبحت عجوزاً و لكن سأهب لك جاريتي هاجر . . تزوّجها فلعلّ الله أن يرزقنا منها أولاداً .
قال إبراهيم :
ـ أنا لا أريد أن تحزني بسببي يا سارة .
ـ لن أحزن يا خليل الرحمن . . سأفرح بفرحك .
و هكذا وهبت سارة جاريتها هاجر إلى زوجها إبراهيم فتزوّج سيدنا إبراهيم . .
و لم تمض تسعة اشهر حتى سُمع بكاء الطفل . . وفرح الجميع بميلاد إسماعيل .
الرحيل :
وهب الله سبحانه إبراهيم ولداً هو إسماعيل . كان طفلاً محبوباً ملأ قلب أبيه فرحاً ومسرَّة . لهذا كان يحتضنه ويقبّله و كان يقضي بعض أوقاته في خيمة أمّه هاجر .
سارة المرأة الصالحة كانت تحبّ سيدنا إبراهيم ، تحبّ أن يفرح زوجها . . و لكنها بدأت تغار من هاجر . هاجر التي رزقت طفلاً أمّا هي فظلّت محرومة .
سارة لا تريد للغيرة أن تأكل قلبها . . لا تريد أن تكره أو تحقد على هاجر بسبب ذلك . .
من أجل هذا قالت لزوجها إبراهيم : انها لا تريد أن ترى هاجر بعد الآن . . لأنها اذا رأت هاجر فستغار منها وتحقد عليها وهي لا تريد أن تدخل النار بسبب ذلك .
الله سبحانه رؤوف بعباده . . كانت سارة محرومة من الأطفال تحمّلت العذاب والهجرة بسبب إيمانها بزوجها إبراهيم و هي صابرة طوال هذه السنين . . ظلّت مؤمنة بربها و برسوله إبراهيم .
إلى البيت العتيق :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ * وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
ترقبوا القصة في خطبة الأستاذ القادمة