هجرة النبي .ص. و هجرة أصحابه الغر الميامين الذين أجابوا داعي الله و لبوا نداء الإيمان فخرجوا من ديارهم تاركين أموالهم و مكتسباتهم لا يحملون بين جوانحهم إلا الإيمان بالله و رسوله الذي حاول المشركون أن ينزعوه من قلوبهم بالعذاب و لكن قلوبهم التي اطمأنت بالإيمان كانت أقوى من كل شيء فتبثث على المحنة و صبرت على البلاء و الفتنة واعتصمت بحبل العقيدة الراسخة . كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم صادعا بأمر الله ، مبلغا رسالة ربه، و لم يستجب لدعوته إلا نفر قليل ، بينما أصر الأكثرون على معاداته و حربه، و صد الناس عن دعوته، و آذوه و الذين معه، حتى أخرجوهم من ديارهم و أموالهم بغير حق، و بدون جرم و لا ذنب، كما وصفهم الحق جل و علا "الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله" هذا هو ذنبهم ، أنهم قالوا ربنا الله، و محمد رسولنا و الإسلام ديننا. لقد اجتمع المشركون في دار الندوة و استقر رأيهم على قتل رسول الله ، على أن يأخذوا من كل قبيلة شابا قويا جلدا يجتمعون أمام داره، فإذا خرج ضربوه ضربة رجل واحد حيث يتفرق دمه ، و تضيع المسؤولية في قتله. و كان جبريل الأمين وقتها ، يهبط على النبي .ص. حاملا إليه إذن ربه في الهجرة ، و هنا تظهر صورة رائعة للتضحية و الفداء. ذلك أن الرسول صلى الله عليه و سلم طلب من ابن عمه علي بن أبي طالب و كذلك فعل علي مقدما روحه فداء لرسول الله ، و حمل .ص. كفا من تراب ، و خرج على القوم المترصدين بالباب ، ثم نثره على رؤوسهم، و هو يتلو قوله تعالى: "و جعلنا من بين أيديهم سدا و من خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون" فمر من أمامهم، و لم يره أحد و قد أخذتهم غشية لم يستفيقوا منها إلى الصباح.و اصطحب .ص. أبا بكر إلى المدينة ، فخرجا حتى وصلا غار ثور، فاختبآ فيه...
[justify]