[b]مطالبهم ليست كمطالبنا
مطالب الأنبياء
مطالبهم ليست كمطالبنا
من أبرز الحقائق الكبيرة وأوضحها في حياتنا بل في حياة الكون كله والتي يتعامى عنها كثير من الخلق ويتناساها كثير من الناس أنَّ هذا الكون كله بما فيه وبنا نحن مضطر إلى الله غاية الاضطرار، محتاج إلى الله في كل شيء في كل لحظة، في كل صغيرة وكبيرة ، فلا غنى لنا عن ربنا طرفة عين، إنها حقيقة ضخمة وعقيدة هائلة الأثر في الحياة ، إلا أنَّ الاضطرار تتعدد أشكاله وتتنوع جهاته، فربما حصره كثير من الخلق في الطعام والشراب وما تقوم به الحياة، ولا ريب أن هذا نوع اضطرار لا كله ولا أسه، وإنما الاضطرار الأكبر إلى الله في نوع آخر أجل وأعظم غاب عنا في زحمة الغفلة عن الله وذكره، ونسيان مدارسة أمره وشرعه، هذا الاضطرار إلى الله لم يقم بحقيقته ويؤدي واجبه مثل الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فقد كانوا في غاية من الضراعة وشديد الاستكانة بين يدي الله تعالى طلبًا لهذه الضرورة الجليلة. لقد كانت الضرورة التي ألهبت أجوافهم وحركت ألسنتهم لهجًا ومناجاة لله تعالى بالدعاء والذكر حتى فاضت دموع عيونهم بين يدي ربهم، إنها لم تكن مالا ولا طعاما ولا زخرفًا من الدنيا، إنما كانت غفران الذنوب والتوبة و الهداية إلى الله في كل شأن. لقد كان همهم همًا لا كهمنا نحن. فتعالوا معي نتدارس ونتذاكر بعضا من مطالب الأنبياء والمرسلين . فهذا آدم عليه السلام يناجي ربه فيقول بعد الذنب الذي كان منه"رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ"وهذا نوح عليه السلام يناجي فيقول"رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ"ثم هذا إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء والإمام القانت ماذا كان له من ربه من مطالب؟ ناداه وهو يبني بيت ربه تعالى وقدماه على الحجر فقال"رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " وانظروا إلى زكريا عليه السلام بماذا ناجى ربه، وماذا كان نداؤه الخفي، قال الله عنه: "هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ"وموسى عليه السلام من قبل لم يكن له من هم إلا أن يغفر الله له ويدخله رحمته"رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"و داود أيضا قال الله عنه"فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَاب"إنها معاشر المسلمين مطالب وأي مطالب؟! إنها تقول لنا: إنه ليس ثمة أجلّ من هذه المطالب، ليس ثمة أبرك على العبد وأزكى من غفران الذنب وقبول التوب والدخول في رحمة الله الواسعة. فأين نحن عنها؟! أفلا يكون لنا من لهجهم لهج ومن دعائهم دعاء وفي تضرعهم ضراعة، ألا بمثلهم اقتدوا ..........