[..........يقول الله تعالى" و لقد أوحي إليك و إلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين" عباد الله ، إن العبادة لا تكون عبادة إلا مع توحيد الله عز وجل، كما أن الصلاة لا تكون صلاة إلا مع الطهارة،إذا أحدث المتطهر بطلت طهارته، فكذلك العابد إذا أشرك بالله و مع الله بطلت عبادته،و لهذا كثيرا ما يأتـي الأمر بالعبادة مقرونا بالنهي عن الشرك، كما في قوله تعالى:"و اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا". و كل نبي يقول لقومه:"اعبدوا الله مالكم من إله غيره" عباد الله :إن الله شرع لنا حج بيته العتيق، فلنتدبر ما في هذا الحج من مظاهر التوحيد و الابتعاد عن الشرك، حتى يكون ذلك درسا عمليا نترسمه في كل عباداتنا.و نحن إذا تدبرنا تأسيس بيت الله الحرام وجدناه ما أسس إلا على التوحيد، قال تعالى:"و عهدنا إلى إبراهيم و إسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين و العاكفين و الركع السجود"و لذلك لما فتح سيدنا رسول الله .ص.مكة المكرمة دخل المسجد الحرام و فوق الكعبة و حولها ثلاث مئة و ستون صنما، فجعل يطعنها بالقضيب، و يقول:"جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا"و قد أمر الله بأداء الحج و العمرة خالصين له فقال سبحانه:"و أتموا الحج و العمرة لله" مما يدل على أن كل حج و عمرة لا يتوفر فيهما توحيد العبادة ، فليسا بمقبولين عند الله سبحانه و تعالى.و من مظاهر توحيد العبادات في الحج : رفع الأصوات بعد الإحرام بالتلبية لله و نفي الشريك عنه و إعلان انفراده بالحمد و النعمة و الملك: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك..و أن أعظم الذكر الذي يقال في يوم عرفة:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، و هو على كل شيء قدير"و أن الله أمر بالطواف ببيته فقال جل و علا "و ليطوفوا بالبيت العتيق"مما يدل على أن الطواف خاص بهذا البيت ، فلا يجوز الطواف ببيت غيره على وجه الأرض لا بالأشجار ولا بالأحجار. و أن الطائف حين يستلم الركن اليماني و الحجر الأسود يكبر الله معتقدا أنه يستلمهما لأنهما من شعائر الله، و السعي بين الصفا و المروة هو توحيد لله... و ما شرعه الله في يوم العيد و أيام التشريق من ذكره وحـــــــــده "و اذكروا الله في أيام معدودات" هو توحيد لله ، يمعشر المسلمين ، توحيد الله ليس خاصا بالحجاج ، فالحجاج في حجهم يوحدون ربهم و أنتم في بيوتكم و مع أبنائكم أعلنوها بقوة " لا إله إلا الله محمد رسول الله " فنحن و الحجاج شركاء في توحيد الله . و هذه الأيام المقبلة علينا التي أقسم الله بها في كتابه بقوله و الفجر و ليال عشر و سماها أيضا بالأيام المعلومات و لذلك فإن الأعمال الصالحة فيها أحب إلى الله تعالى منها في غيرها ففيــــها (يوم التروية )و( يوم عرفة )وفيها فريضة الحج و فيها (يوم النحر) وأن الله تعالى جعلها ميقاتاً للتقرُب إليه سبحانه بذبح الأضاحي و أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات من صلاة وصيام وصدقة وحج ، فعلينا : الإكثار معاشر المسلمين من ذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريم و الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله تعالى و ذبح الأضاحي لأنها من العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في يوم النحر أو خلال أيام التشريق و الإكثار من الصدقات المادية والمعنوية و الصيام لكونه من أفضل العبادات الصالحة التي على المسلم أن يحرص عليها لعظيم أجرها وجزيل ثوابها فاللهم وفقنا لطاعتك و رضاك آمين و الحمد لله رب العالمين.[/size][/justify]