...يقول سيدنا رسول الله .ص.في الحديث الذي رواه الترمذي و ابن ماجة "من أصبح آمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"معاشر المسلمين ، إنها كلماتٌ يسيرات، لكنها ضمت معنى الحياة الحقة والاستقرار الدائم، بل إنها كلمات ترسم للمرء صورة الحياة ، على أنها لا تتجاوز هذه المعايير الثلاثة، والتي لا يمكن لأيِّ كائن بشري عاقل أن يتصوّر الحياة السعيدة بدون توافرها، إنه أمن المرء في سربه أي في بيته ومجتمعه، ومعافاته في بدنه، وتوفّر قوت يومه.إنها عبارات سهلة على كل لسان،لكنها تعادل حيازة الدنيا بأكملها.أمن المرء في سربه وهو مطلبُ الفرد والمجتمعات على حدّ سواء، وهو الهدف المرتقب لكل الناس بلا استثناء على اختلاف مشاربهم. فالحياة الآمنة هي أساس استقرار المجتمعات ، وإلا فما قيمة لقمة يأكلها المرء وهو خائف؟ أو شربة يشربها الظمآن وهو متوجِّس قلِق ؟ أو نعسة نوم يتخللها الهلع ؟ أو علم وتعليم وسط أجواء محفوفة بالمخاطر؟!.إن كل مجتمع يفقد الجانب الأمني في ثناياه إنما هو في الحقيقة فاقد لمعنى الحياة لا محالة، ومن أجل الأمن جاءت الشريعة الغراء بالعقوبات الصارمة والحدود الرادعة تجاه كل مُخلٍ بالأمن كائنا من كان، بل وقطعت أبواب التهاون في تطبيقها.وحين يدبّ في الأمة داء الضعف الأمني فإن المتسببين في ذلك يهيلون التراب على تراث المسلمين، ويقطعون شرايين الحياة الآمنة على الأجيال الحاضرة والآمال المرتقبة. و الإسلام لا يجيز أبدا ترويع الآمنين.الإسلام جاء لتأمين الأرواح، والأنفس، والأموال، والأعراض، جاء لحفظ العقل والدين، وهذه هي الضرورات الخمس، التي أنزل الله -عزَّ وجل- من أجلها كتبه، وأرسل لها رسله.إن إصباح المرء المسلم آمنا في سربه لهو من أوائل بشائر يومه وغده، وما صحّة البدن وقوت اليوم إلا مرحلة تالية لأمنه في نفسه ومجتمعه، ولأجل هذا كان لزاماً علينا أن نقدر حقيقة الأمن و الأمان و الاستقرار التي حبا الله بها بلادنا و لله الحمد و المنة وأن نستحضرها نصب أعيننا في كل وقت وحين شاكرين للقائمين على أمننا وراحتنا حسن قيامهم . لقد أتبع النبي.ص. أمنَ المرء في سربه ، المعافاةً في الجسد، وجعل المعافاة في الجسد ثلث حيازة الدنيا بحذافيرها، وهذا أمر واضح جلي؛ لأن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يراه ويحسّ به إلا المرضى من الناس. و الأمراض والأسقام أدواء منتشرة انتشار النار في يابس الحطب، وهي وإن كانت ذات مرارة وثقل واشتداد إلا أن الله جل شأنه جعل لها حكماً وفوائد كثيرة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، وقد قال رجل لرسول الله .ص." أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها ؟ قال"كفارات"قال أبي بن كعب:وإن قلَّت؟! قال"وإن شوكة فما فوقها"و أيضا فإن الصحة بلا إيمان هواء بلا ماء، والمرض بلا صبر ورضا، بلاء يتلوه بلاء، وجماع الأمرين دين وإيمان بالله....ثم يقول سيدنا رسول الله "عنده قوت يومه" و أراد بقوت اليوم الحال الوسط بين الضدين، لا حال الأثرياء المترفين الذين يحبون المال حباً جماً حتى يُعميهم عن دينهم وأخلاقهم، وخلواتهم القلبية وجلواتهم الروحية. و لا الذين يحتالون باسم التكسب ، ولهذا فإن من ملك قوت يومه فإنه يكون في منأًى عن بطر الغنى وهوان الفقر، فيكون كافاً عافاً، ومن هنا جاءت حيازة الدنيا بحذافيرها ... فاللهم اجعلنا لآلائك من الذاكرين و لنعمائك من الشاكرين آمين و الحمد لله رب العالمين .
....فيأحباب سيدنا رسول الله يأتباع الحبيب المصطفى عليه السلام ،و نحن نتكلم عن الأمن الاجتماعي و الصحي و الغذائي يتزامن هذا مع حدث يذكره المغاربة قاطبة في الحادي عشر من هذا الشهر و يعد من مفاخرنا ، وهو ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال ، - طلب الحصول على الاستقلال ، طلب التحرر و فك القيود و رفع التسلط و الهيمنة ، طلب فسخ كل الأغلال التي كانت تعرقل السير الحر لبلادنا .كل هذا من أجل ضمان الأمن العام لأمتنا غذاءا و صحة و فكرا ....و ما كان لآبائنا و أجدادنا و ملوكنا أن يرضوا العيش في الذل و الهوان تحت سيطرة الاستعمار الغاشم بل كانت لهم الرغبة الكبيرة في تطهير البلاد من دنس الظلم و العثو و الاستكبار في الأرض و استغلال خيراتنا و ثرواتنا فالمغاربة رفضوا قاطبة أن يبقوا تحت نير الاستعمار الغاشم و عبروا عن ذلك بثوقهم لفجر الحرية الساطع بالصبر و الإيمان و الدفع بالتي هي أحسن و الالتفاف حول قائد الحرية و محرر البلاد ، و قد أودوا و صبروا – القمع ، التنكيل ، النهب ، التشريد..... ولما برز فجر الاستقلال، واصل المغرب تحت القيادة الرشيدة للمغفور له محمد الخامس ومن بعده وارث سره الحسن الثاني رحمه الله نضاله المستميت على مختلف الواجهات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية لبناء المغرب الحديث التي يعمل على ترسيخها الملك محمد السادس حفظه الله بإرساء أسس مجتمع يتطلع إلى المستقبل الزاهر مع الحفاظ على المكونات الحضارية لبلادنا . ونحن اليوم ، والشعب المغربي قيادة وشعبا يسترجع ذاكرته إلى ذلكم اليوم المشهود يوم استقلال بلادنا مصممين العزم على السير قدما في درب الكفاح و النضال حتى لا يمس ديننا و وطننا و أرضنا و ثوابتنا ما يعكر صفو الحياة . هذه معاشر المسلمين إشارات عابرة و قضايا مهمة نذكر بها و نحن قد استقبلنا عاما جديدا من عمرنا نسأل الله بأسمائه الحسنى و صفاته العلا أن يجعله عام خير و بركة ونصرة للإسلام و المسلمين و نسأله سبحانه أن يجعل منه عام يقظة و صلاح و يمن وإيمان و سلامة و إسلام و أن يحفظ الله بلادنا و أمجادنا من حسد الحاسدين و طمع الطامعين ..و صل اللهم و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما،و ارض اللهم عن الخلفاء الراشدين .....
[justify]