قال الله تعالى " و تزودوا فإن خير الزاد التقوى ، ..... " عباد الله ، إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وسن سننا فلا تتركوها، وإن الله تبارك وتعالى قد فرض على عباده الحج فريضة من أكبر وأعظم الفرائض الحج هو تلك الرحلة الفريدة في عالم الأسفار والرحلات ينتقل المسلم فيها بروحه وبدنه وقلبه إلى البلد الأمين لمناجاة رب العالمين. ما أروعها من رحلة وما أعظمه من منظر يأخذ الألباب فهل شممت عبيراً أزكى من غبار المحرمين؟وهل رأيت لباساً قط أجمل من لباس الحجاج والمعتمرين؟ هل رأيت رؤوساً أعز وأكرم من رؤوس المحلقين والمقصرين؟ وهل مر بك ركبٌ أشرف من ركب الطائفين؟ وهل سمعت نظماً أروع وأعذب من تلبية الملبين، وأنين التائبين، وتأوه الخاشعين، ومناجاة المنكسرين؟ إنه الحج . جاء ليذكرنا بيوم الحشر، بمفارقة المال والأهل، و الوطن ، وخضوع العزيز والذليل، في الوقوف بين يدي رب العالمين ، واجتماع المطيع والعاصي، في الرهبة من الله والرغبة إليه، مرة في العمر، إنه الركن الخامس من أركان الإسلام، بين الله ذلك في كتابه وفي سنة رسوله .ص.ووضع الأجر العظيم والكبير لمن فعله مخلصاً لله وحده، ألا و قد سئل سيدنا رسول الله .ص."أي العمل أفضل؟ قال:"إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا ؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور"فانظروا رعاكم الله إلى مواكب الحجيج و هي تتوافد على أعز بقعة في الأرض – المسجد الحرام /القبلة/مكة المكرمة - و ها هم حجاجنا الميامين من بلدنا الأمين يتوجهون يوما بعد يوم لأداء ما فرضه الله عليهم بعد توجيه أمير المؤمنين حفظه الله لهم و حثهم على تقوى الله و الحرص على أمانة الانضباط والالتزام بالنظام، اللذين هما قوام أداء المناسك على الوجه المطلوب – مذكرا إياهم أن هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، بما يقتضيه من مشقة وإجهاد، ومداومة على العبادة والذكر، في تجرد من المخيط والمحيط، وانقطاع عن الشهوات والملذات، لا جزاء له إلا الجنة, لقوله عليه السلام: " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". ألا وانظروا رحمكم الله إلى إقلاع أهل المعاصي عما اجترحوه، وندم المذنبين على ما أسلفوه، و هم واقفون بين يدي ربهم سائلين متوجهين منيبين ، ولذلك قال بعض السلف"من علامة الحجة المبرورة أن يكون صاحبها بعدها خيرا منه قبلها" يا لجلال الموقف، ويا للروعة والعظمة، السماء هناك في مهرجان نوراني يتنزل فيه الروح والملائكة. سبحانك ربي ما أعظمك وأعدلك حين شرعت لنا هذا المنسك العظيم ، من حجه و لم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدته أمه – نقي / طــاهر – منسك تتجلى فيه روح المساواة والوحدة والسلام. المساواة واضحة جلية للدنيا بأكملها ، فالجميع قد طرحوا الملابس والأزياء وظهروا في زي واحد ، الغني والفقير والأمير والحقير والطائع والعاصي . لا عنصرية ولا عصبية للون أو جنس.... الناس من آدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى....أرى الناس أصنافاً ومن كل بقعة**إليك انتهوا من غربة وشتات **تساووا فـلا أنساب فيها تفاوتٌ ** لديك و لا الأقـدار مختلفات- فلابد للمسلمين أن يحققوا معنى التوحيد والوحدة. أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن يوحد صفنا و يجمع على الحق كلمتنا و أن يتقبل من الحجاج حجهم حتى يرجعوا إلى أوطانهم مغفورا لهم – آمين و الحمد لله رب العالمين
[b][justify]