... (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذَّكر أو أراد شكوراً)..معاشر المسلمين ، في الأسبوع القادم بمشيئة الله. سيودع المسلمون في مشارق الأرض و مغاربها عاما هجريا و يستقبلون آخر، وإن علينا أن نقف وقفة في وداع هذا العام إن كان لنا وعي وبصيرة بمضي الأيام ومرور الأعوام وانقضاء الأعمار، فالزمن معاشر المسلمين يمضي والأيام تمر مر السحاب بما فيها من خير و شر وما فيها من حلو و مر، تمضي الأيام سراعاً، الصغير يكبر، والشاب يشيخ والصحيح يمرض والحي يموت وانظر، أنظر إلى نفسك وانظر إلى من حولك، قد كنت في يوم من الأيام صبياً ثم صرت يافعاً ثم صرت شاباً ثم صرت كهلاً ثم تصير شيخاً – و كم من شيخ بيننا ؟؟ - وهكذا تنقضي الأيام . والإنسان يفرح بمرورها- و يشعل الشموع على كل عام مضى – و هي شموع العمر تنطفئ.إذ العمر كتاب يُطوى صفحة بعد صفحة و شجرة تذبل ورقة بعد ورقة، كل يوم يمضي وكل ليلة تنقضي تبعدنا عن الميلاد وتقربنا إلى الموت، إلى القبر، فعلينا معاشر السادة أن نعرف قيمة العمر ونستفيد منه ولا نضيعه عبثاً فإن ما مضى منه لا يعود أبداً . العمر أيام معدودة وأنفاس محدودة فإياك أن تضيعه بما لا ينفعك يوم القيامة، احرص على أن تستفيد منه ما استطعت ، يمعشر المسلمين، العمر محدود وليس للإنسان عمران، هو عمر واحد ولا يستطيع أن يمد فيه ولا يستطيع أن يطلب مهلة، كل الناس يحاول أن يأخذ مهلة عند الموت، لأن هذا العمر إذا كان خمسين سنة أو سبعين أو مائة أو ألف سنة كعمر نوح يظل الإنسان يستقصره . حتى قالوا أن ملك الموت حينما جاء يقبض روح نوح عليه السلام سأله وقال: يا أطول الأنبياء عمراً كيف وجدت الدنيا؟ قال: كداخل من باب و خارج من آخر ، فكل إنسان يتمنى لو أُمهل أسبوعاً، أياماً، ساعات ولكن هيهات هيهات . الله تعالى يقول" وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن ياتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب) يوم أو نصف يوم أو ساعة - ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها . احذروا الغفلة معاشر المسلمين- عدو الإنسان: الغفلة - الله تعالى جعل حطب جهنم من الغافلين (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها - بعين الاعتبار - ولهم آذان لا يسمعون بها - سماع الاتِّعاظ - أولئك كالأنعام بل هم أضل. أولئك هم الغافلون) عطَّلوا الأجهزة التي منحهم الله إياها ليعرفوا الكون ويعرفوا رب الكون ومدبِّر الكون،هم أضل سبيلاً من الأنعام بسبب الغفلة لأن الأنعام لم تُؤتَ ما أوتي هؤلاء، الأنعام لم تُؤتَ هذا العقل الذي يفكِّر ويدبِّر، لم تُؤتَ الإرادة التي بها تختار وترجِّح لم يُنـزل عليها كتاب ولم يُبعث لها رسول، ثم إنها تؤدي مهمتها، لم تتمرَّد على أداء ما كُلِّفت من مهمة، أرأيتم بقرة تمرَّدت على أن تُحلب؟؟أرأيتم دابة تمرَّدت على أن تُركب؟؟ أرأيتم هذه الأنعام وهي تؤدي مهمتها، تخدمنا وهي صحيحة ونأكلها وهي ذبيحة، فهي تؤدي الرسالة المطلوبة منها....الطـــَّيــــر سَــبّــــَحـَهُ**و الوَحـــش قــَـدّسـَــهُ**و المَـــــوج كَــبــّــَرهُ **و الحـــوت نـَـاجـَــاهُ**و النـــّمــلُ تـَحـتَ الصُّخـُور الصّـُم مجّـَدهُ**و النـَّحــلُ يـَهـتــفُ حــَمـــدًََا في خَـلايــَــاهُ**و النـــّــَاسُ يـَعـصُـونـَهُ جَهـرًا فـَـيَسترهُــم**و العـَـــبـــدُ يــَـنـسَى… و رَبـّي ليـسَ يَـنـسـَاهُ--فالواجب علينا أن نقف وقفة تأمل و تدبر لنقوم بالواجب الذي من أجله خلقنا الله . فاللهم بصرنا بعيوبنا ......