هناك فئة من الناس لا يمكنهم تحقيق أمنياتهم، ولا ينظَر في طلباتهم، فمن هم؟ ولماذا لا تحقَّق أمنياتهم؟ وهل يمكننا مساعدتهم أو تخفيفُ لوعاتهم؟ إنهم أولئك الذين أصبحوا رهائن ذنوب لا يطلَقون، وغرباء سفر لا ينتَظرون، إنهم الأموات يا عباد الله.فماذا يتمنى الأموات يا ترى؟ وقد انقطع عنا خبرهم واندس ذكرهم؟ ومن يستطيع أن يحدّثنا عن أمنياتهم؟ تعالوا لنتحدّث قليلا عن هذه الفئة المنسيّة، لنعرف أمنيات أناس عاينوا الجنة والنار، ورأوا ملائكة العزيز الجبار، وأصبح الغيب لديهم شهادة، وعرفوا حقيقة الدنيا والآخرة، وأيقنوا وهم في برزخهم أنهم سيبعثون ليوم النشور، فهل يتمنون العودة إلى هذه الدنيا ليتمتعوا بالحياة ويحسّوا بلذتها وطعمها، أو ليملكوا مزيدا من العقارات ويجوبوا الأرض جورا و ظلما ؟! ألا فلنسمع ما نقله لنا كتاب ربنا وسنة نبينا محمد .ص.عن أمنيات الموتى:أولا: يتمنى الميت لو تعاد له الحياة ليصلّي ولو ركعتين، روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله .ص.مر بقبرٍ فقال"من صاحب هذا القبر؟" قالوا: فلان، قال: "ركعتان أحبّ إلى هذا من بقية دنياكم" رواه الطبراني فغاية أمنية الميت المقصر أن يُمدَّ له في أجله ليركع ركعتين يزيد فيها من حسناته ويتدارك ما فات من أيام عمره في غير طاعة. لقد عاين ذلك الميت وهو في قبره ثوابَ الصلاة، ورأى بأمّ عينه فائدة الصلاة، فتأسف على أيام أمضاها في غير طاعة، وها نحن نرى رسول الله .ص.يترجم لنا أمنية ذلك الميت وهو في قبره، يتمنى أن يصلي، يتمنى أن يعود إلى الدنيا لدقائق معدودة ليركع ركعتين فقط لا غير، لا يريد من الدنيا إلا ركعتين، لأنهما الآن أصبحتا عنده تعدل الدنيا بما فيها، وماذا عسى أن تساوي الدنيا عنده وقد خلّفها وراء ظهره وارتهن بعمله ،فغاية أمنية الموتى في قبورهم حياة ساعة، بل دقيقة، يستدركون فيها ما فاتهم من توبة وعمل صالح، أما نحن أهل الدنيا فمفرّطون في أوقاتنا بل في حياتنا، نبحث عما يقتل أوقاتنا لتذهب أعمارنا سدى في غير طاعة، ومنا من يقطعها بالمعاصي، ولا ندري ماذا تخبئ لنا قبورنا من نعيم أو مآسي، يا رب ارحمنا فوق الأرض و تحت الأرض و يوم العرض آمين و الحمد لله رب العالمين .